عن مشكاة
البداية
بدأت رحلة الدكتورة نائرة في تأسيس منصة مشكاة من منظور فريد كوّنته تجاربها المبكرة. وُلِدَت الدكتورة نائرة ونشأت في أمريكا حتى مطلع سن المراهقة، ثم اتبعت شغفها في الطب النفسي، مدفوعة بفضولها العميق تجاه السلوك البشري والقصص الكامنة خلف تصرفات الناس.
اكتشاف الفجوة
خلال فترة تدريبها بمستشفى المعمورة للطب النفسي وطوال فترة تكليفها الطبي، بدأت د. نائرة وزميلاتها — ومن بينهن د. دعاء ود. أمنية — يلاحظن أنماطًا مقلقة في مجالهن. فقد وجدن أن العديد من الممارسات النفسية تبدو منفصلة عن المبادئ الإسلامية، بل وتتبنى أحيانًا مناهج تتعارض مع عقيدتهن. هذا الانفصال ليس وليد الصدفة، فالطب النفسي وعلم النفس الحديث قد نشأ بالأساس ضمن أطر علمانية غربية، غالبًا ما تعلي من شأن الاستقلالية الفردية على حساب قيم المجتمع، وتروج أحيانًا لمفاهيم تتناقض مع التعاليم الإسلامية حول الطبيعة البشرية والأخلاق والروح. والأمر الأكثر إثارة للقلق كان رؤية زميلات مسلمات يبتعدن تدريجيًا عن التزاماتهن الدينية مع تقدمهن في التدريب والإشراف النفسي. فالتحليل الذاتي المكثف المطلوب في التدريب النفسي، والذي يتجذر غالبًا في نظريات التحليل النفسي الديناميكي التي قد تنظر إلى المعتقدات الدينية كرغبات نفسية غير أكيدة وليست حقائق إيمانية يمكن أن يشكل تحديًا للأسس الإيمانية الإسلامية.
الانفصال الثقافي
عندما بدأت د. نائرة العمل مع عميلات من مختلف أنحاء العالم عبر الإنترنت، كانت خلفيتها متعددة الثقافات كنزًا ثمينًا. لقد اكتشفت فجوة حقيقية، وهي أن المريضات المسلمات المقيمات في الخارج — خاصة في دول مثل كندا والولايات المتحدة وأوروبا — كن ينتظرن شهورًا للحصول على مواعيد للصحة النفسية بسبب اكتظاظ أنظمة الرعاية الصحية. وعندما يحصلن أخيرًا على الرعاية، غالبًا ما يجدن أنفسهن مع معالجين لا يفهمون سياقهن الثقافي والديني، بل وقد يتلقين نصائح تتعارض بشكل مباشر مع قيمهن الإسلامية فيما يتعلق بالأسرة، أو أدوار الذكر والأنثى، أو العبادات.
إن شعور الارتياح الذي لمسته د. نائرة لدى عميلاتها من مختلف دول العالم كشف حقيقة عميقة حول رعاية الصحة النفسية للمرأة المسلمة. ففي البيئات العلاجية الغربية التقليدية، تجد المرأة المسلمة نفسها غالبًا مضطرة للاختيار بين العلاج الفعال والحفاظ على هويتها الدينية. فالمعالجون الغربيون غالبا ما يرون الدين كتفضيل خاص بالعميل وليس حقيقة مركزية
مهمة مشكاة
ما بدأ كمناقشات غير رسمية بين زميلات يتشاركن نفس الرؤية، تطور ليصبح منصة مشكاة. أنشأت د. نائرة مجموعة عمل تعاونية مع طبيبات يشاركنها رؤيتها. وبدأن معًا في مشاركة المصادر العلمية لعلماء مسلمين مثل د. عبد الرحمن ذاكر و د. خالد الجابر وأستاذ أنس شيخ اكريم، ومناقشة الحالات التي تتطلب توجيهات دينية، ووضع تصور لكيفية سد الفجوة بين المبادئ الإسلامية وممارسات الصحة النفسية الغربية القائمة على الأدلة العلمية المادية فقط والتي تُهمل الجانب الروحي للإنسان تماماً.
تم اختيار اسم "مشكاة" — الذي يعني "كوّة النور" من آية النور الشهيرة في القرآن الكريم — بعناية فائقة ليعكس مهمة المنصة في تقديم إرشاد منير، متجذر في كل من التميز الإكلينيكي والحكمة الإسلامية.
رعاية إسلامية قائمة على الأدلة التجريبية
بصفتنا طبيبات أكملن تدريبًا نفسيًا مكتاملاً، نلتزم في "مشكاة" التزامًا قوياً بالدقة العلمية والممارسات القائمة على الأدلة. نحن نصف الأدوية عندما تستدعي الحالة الطبية ذلك، ونستخدم الأدوية العلاجية التي أثبتت فعاليتها، ونبقى على اطلاع دائم بأحدث الأبحاث في الطب النفسي. منهجنا الإسلامي لا يرفض الطب الحديث. نحن نستعمل أدوات الطب الحديث متى استدعت الحاجة.
الفارق الجوهري يكمن في إطار الفهم الذي نتبناه. بينما نتبنى بالكامل علم الأعصاب وعلم الأدوية والتقنيات العلاجية المُثبَتة، فإننا نفسّر الصحة النفسية من منظور إسلامي يُكرّم البعدين البيولوجي والروحي معاً للشفاء.
نحن ندرك أن الاكتئاب قد يتطلب أدوية مضادات للاكتئاب ولكن إلى جانب الدعاء أيضاً، وأن اضطرابات القلق تستفيد من العلاج المعرفي السلوكي المبني على زيادة التوكل على الله، وأن الشفاء من الصدمات النفسية يشمل تدخلات دوائية ولكن مع المفاهيم الإسلامية كالصبر والرضا بالقضاء والقدر.
تدريبنا الطبي يضمن لنا القدرة على التمييز بين المعاناة الإيمانية التي تحتاج إلى إرشاد، والحالات الطبية التي تستلزم تدخلًا نفسيًا متخصصًا. لن نتردد في التوصية بدخول المستشفى للحالات الشديدة أو تعديل الأدوية بناءً على أحدث الإرشادات الطبية — كل ذلك مع الحفاظ الكامل على احترام الهوية الإسلامية لعميلاتنا.
سبب وجودنا
في منصة مشكاة، نؤمن بأن المرأة المسلمة تستحق دعمًا نفسيًا يُقوي إيمانها ولا يتعارض معه. منصتنا تُلغي الخيار الزائف بين العلاج الفعال أو التمسك بالدين. نحن ندرك أنه بالنسبة للكثير من النساء المسلمات، الدين ليس جزءًا منفصلًا عن الصحة النفسية، بل هو جوهرها.
نحن لا نرى المبادئ الإسلامية كعقبات يجب تجاوزها، بل كمصادر قوة للشفاء. فالتعاليم الإسلامية مثل الصبر، والتوكل على الله، وتزكية النفس تقدم أطرًا عميقة لفهم تحديات الصحة النفسية وعلاجها.
رؤيتنا
نحن نتطلع إلى عالم تتمكن فيه المرأة المسلمة من الحصول على رعاية نفسية تحترم هويتها الكاملة — الدينية والثقافية والمهنية. من خلال منصة مشكاة، نحن لا نعالج الأعراض فحسب، بل نرعى الإنسان ككل ضمن سياق إيمانه، ونساعده على إيجاد شفاء يُقوي علاقته بالله ولا يُضعفها.
منصة مشكاة تمثل توجهاً متميزاً في الرعاية النفسية — توجه يثبت أنكِ لستِ مضطرة للتخلي عن قيمكِ لتشفي روحكِ. بل نؤمن أن الشفاء التام يحصل فقط عندما يجتمع العلم والدين معاً.