إلى كل أم عينها على فلسطين وقلبها ينفطر دليلكِ إلى سكينة القلب مع التمسك بالأمل

2025-09-07

Mishkah Therapy

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أمهاتنا العزيزات في منصة مشكاة.

إذا خالطت دموعك رشفات قهوتك الصباحية وأنت ترصدين آخر الأخبار، أو خاصم النوم عيونك في الثالثة صباحا فظللتِ مستلقية في سريرك مثقلة لقلب من أجل أطفال لم تري يوما خطواتهم على الأرض، ولكن تشعرين بأثرها في ثنايا القلب، لستِ وحدك.

إذا خالطكِ الشعور بالذنب وأنت تستمتعين بلحظات سلام وسلامة مع أطفالك لأنك تدركين معاناة من يماثلهم، أو إذا حدثتك خواطرك ليلا في غرفتك الهادئة: لماذا هم وليس أنا؟ فاعلمي أن قلبك في مكانه الصحيح.

تخترقك المشاهد الموازية وأنت تمارسين عاداتك اليومية، تعدين الطعام لأطفالك استعداداً ليوم دراسي جديد، تسعين لفض الاشتباك بينهم إذا ما احتدّ وقت لعبهم، وصورة ذهنية أو واقعية على الشاشات ترينها أمامك لأمهات -مثلك- لأطفال مثل أطفالك، يواجهن فقداً فجًا تعجزين حتى عن تخيله. تشعرين وكأن قلبك يهوى في داخلك من شدة الهوة بين الصورتين. كيف أحتمل الجمع بين متناقضين صارخين، يومي العادي الآمن، ويومهم البعيد كل البعد عن ذلك؟

إن التدفق المستمر للمحتوى الصادم يسبب ما يسميه علماء النفس Vicarious Trauma أو الصدمة غير مباشرة، وهي الأثر النفسي الحادث فينا لما نشهد معاناة الآخرين. وكوننا أمهات فطرنا على حب الأطفال والحرص على حمايتهم، وكونهم ليسوا مجرد “آخرين” بل تجمعنا أقوى رابطة، رابطة الدين، يصبح الألم أضعافًا مضاعفة.

تلك المشاعر:

الشعور بالذنب لأنكِ لازلتِ باقية على قيد الحياة بينما هم يتساقطون،
الشعور بالعجز لأنكِ لا تستطيعين إيقاف ذلك،
الأسئلة التي تلاحقك وتستنزف كل ما فيك…

لا تُترجم كضعف مطلق، بل هي استجابة طبيعية لقلب آمن عميقًا بحديث النبي ﷺ:

«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد؛ إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»

[متفق عليه].

استجابتك تلك شهادة على الإيمان والرحمة في قلبك. غير أن المبالغة فيها أو الاستسلام التام لها ليس هو القرار الأمثل. نحن أمة تغرس الفسيلة ولو قامت الساعة. ولأننا في منصة مشكاة ندرك هذه الإشكالية الصعبة على الأمهات المسلمات، نقدم لكن هذا الدليل، وبه عدة استراتيجيات إسلامية نفسية تعينكِ على الوقوف عند نقطة اتزان، ثم المضي قدمًا نحو أثر طيب لا ينقطع، يحيطه نوايا طيبة مأجورة بإذن الله.

عندما يفيض قلبك بما يثقله: أعيدي النظر في معنى الألم

دموعك التي تتساقط لما رأيت الأم الثكلى ليست مجرد دموع، هي دعواتك القلبية لها انطلقت صادقة قبل أن يترجمها عقلك وينطقها لسانك. هذا التفاعل منك هو ترجمة من ترجمات الأخلاق المحمودة في إسلامنا، تعكس إدراكك لمعنى الرحمة والعدل.

عندما تشعرين بقلبك يعتصر ألمًا وأنت تتأملين وجوه أطفال لهم ملامح أطفالك يواجهون هذه القسوة والفظاعة، أنت تختبرين حينئذ “مواساة القلب”. تلك الرفقة العابرة للمسافات، تشاطر الهم وتخفف الحزن. غير أن التعرض المستمر اللامدروس للمحتوى الصادم يؤدى إلى compassion fatigue، الشعور بالإنهاك ربما حد التبلد، وذلك الشعور بالصدمة Moral injury حيث تشهدين ظلمًا لا يتوقف ويتراكم الشعور بالعجز.

في إسلامنا هذه الغمامة الثقيلة تسمى “اليأس”، ونحن منهيات عنه، لأنه يقيد حتى ما نستطيع القيام به، ويجعلنا لا نرى قيمة للفسيلة، أو لا نملك الطاقة -الجسدية والنفسية- لغرسها.

رؤية هذه التجربة الشعورية ككل تعينك على تفهم ما تمرين به، ومن ثم الترفق بذاتك، ثم بناء الدرب الآمن الذي تسيرين فيه بتوازن. تكون هذه المشاعر الصادقة والمشروعة بمثابة وقود، وبيدك الاختيار بين أن يكون سببًا في الاحتراق، أو دافعًا للمضي قدماً والاستمرار في العطاء. تذكري أن دموعنا ودعواتنا من أجل فلسطين هي خالصة لوجه الله تعالى. وعندما نفر إلى الله ونخلص في لجوئنا إليه، تتحقق المعادلة الصعبة، ويهبنا -عز وجل- القوة المطلوبة لنحيا المشاعر بعمق، ونبصر الطريق بوضوح، ونمضي بإصرار قاطع نحو غاية أكبر.
---

الصحة النفسية بمنهجية علم النفس الإسلامي الشمولية إعادة النظر في الصدمات بعيون مؤمنة

١. إذا جعلتِ الغاية هي “الله”، وجدتِ مرساك

نحتاج أحيانًا أن نتوقف، نخطو خطوة للوراء، ونتذكر: لماذا نحن هنا؟ لم تُخلقي كي تحملي على عاتقك كل ظلم الأرض، وظلماتها، بل خُلقتِ لتتعرفي على الله الخالق، وتحبّيه، وتخلصي العبادة له. ومن هذا الجذر العميق تتفرع كل خطواتك المضيئة، تخفف من وطأة الظلمة.

هذا لا يعني أبدًا تجاهل فلسطين أو التقليل من أهمية الحدث، بل لفت انتباهك من جديد إلى أن الشجرة كلما تعمقت جذورها في الأرض زادت قدرتها على الصمود في وجه العواصف، بل وتستمر في إنتاج الثمر. هذه الجذور وعمقها هي علاقتك بالله، ومن ثمّ انعكاساتها على كل ما حولك.

فالأسئلة المهمة في قبورنا لن تتعلق بتعقيدات سياسية أو جغرافية، بل ستكون عن حال قلوبنا مع الله، وكيف صدّق العمل ذلك.

قال رسولُ اللهِ ﷺ وهو يذكر قبض روح المؤمن:

«يأتيه آتٍ، يعني في قبره، فيقول: مَن ربُّك؟ وما دينُك؟ ومَن نبيُّك؟ فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، نبيي محمد ﷺ. قال: فينتهره فيقول: ما ربك؟ وما دينك؟ وهي آخر فتنة تُعرض على المؤمن، فذلك حيث يقول الله: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ﴾ [إبراهيم: 27]. فيقول: ربي الله، وديني الإسلام، ونبيي محمد، فيقال له: صدقت.»

تطبيق عملي عندما يتفاقم القلق فيك مع تصاعد الأحداث العالمية، توقفي لحظة، تذكري الغاية الأساسية من وجودك، ومارسيها عمليًا بصلاة أو ذكر أو تدبر لآيات الله.

٢. حسن الظن بالله ويقين بحكمته

ما أعمقها من راحة! وقت نتدبر بيقين تام:

﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾

[يوسف: 21].

ولا يعد ذلك استسلام العاجز، بل هو تسليم المؤمن، يترتب عليه حسن التوكل. فنأخذ بالأسباب، ونبذل الطاقة قدر الوسع فيما نملك، نسعى صادقين، والخير كله فيما قدّره رب العالمين مهما كانت صورته الظاهرة. عندما تجدين نفسك عالقة في دوامة “ماذا لو” وما يترتب عليها من سيناريوهات، أو مثقلة بهول المعاناة، مرساكِ في إيمانك الراسخ بأن الله العادل يرى كل شيء، ويعلم كل شيء، وأمره نافذ في وقت وبكيفية تعجز عقولنا القاصرة عن الإلمام بها.

هذا الإيمان بأسماء الله وصفاته وأقداره هو مفتاح أساسي في التعامل مع كل الأفكار المغلوطة التي تغذي الشعور المفرط بالذنب واليأس.

حين تؤمنين إيمانًا تامًا بأن الأمر كله بيد الله، تتخففين من عبء الشعور بالمسؤولية المطلقة عن رفع الظلم بمفردك، ويصبح تركيزك على القيام بدورك فقط لا تحمل مسؤولية النتائج. تذكري: “مسئوليتنا السعي لا الوصول”.

٣. إعادة تعريف النصر بعيون قرآنية

علمتنا وسائل التواصل ثقافة النتائج السريعة والملموسة واقعًا، وعلّمنا القرآن أن النصر هو الثبات على كلمة الله حتى نلقاه، ولو ظاهر الأمر كله خراب. يجسد أهل غزة هذا النصر القرآني:

في كل مرة يختارون فيها العزة رغم القهر،

في كل مرة يجدّدون الأمل بالإيمان ويرفضون اليأس،

في كل مرة يحاولون فيها حماية قلوب أطفالهم بينما عالمهم ينهار من حولهم.

هذا الثبات هو نصر حقيقي لا تطاله أيدي الطغاة، نصر لا نستطيع تصويره وبثّه، لكننا نوقن أنه يملأ صفحات وميزان أصحابه. الله يرى، والجزاء الجنة.

وأنتِ كذلك، حين تحافظين على ثباتك، صلاتك، دعائك، حين تختارين حسن الظن بالله واليقين به، ومن ثمّ الأمل في كل مرة، وتحشدين النوايا الطيبة في خطواتك—مهما صغرت الخطوات أو قلّ حجمها مقارنة بما هم فيه من فاجعة— فأنتِ أيضًا تشاركينهم ذاك النصر.

استراتيجيات مُثبتة الفاعلية

منهجية إسلامية للتعامل مع الصدمات وما يترتب عليها

١. ضبط المدخلات الإعلامية

الحكمة في الاطلاع على الأحداث مطلوبة لتحقيق التوازن بين غايتين:

إحداهما أن تبقي على اطلاع بما يمسّ الأمة وقضاياها. والثانية ألا تقعين في الاحتراق النفسي. سعتنا النفسية لا تحتمل التعرض الدائم لهذا الكم والكيف من الصدمات دفعة واحدة. لذلك، وضع حدود واضحة للأمر تتسق مع قدر السعة ضرورة وحكمة، لا كما يظنه البعض خذلانًا لهم أو أنانية، لتفادي الأثر السلبي المتراكم- المنهي عنه شرعًا- ، ولتستمر قدرتك على القيام بالدور المطلوب منك.

خطوات عملية:

  • حددي أوقاتًا بعينها لمتابعة الأخبار: يُفضل أن تكون في الأوقات التي تكونين فيها في أعلى درجات الطمأنينة. وتجنبي المتابعة أول الصباح عند الاستيقاظ، أو في الأوقات المتأخرة قبيل النوم.
  • اختاري مصادر الخبر بعناية: احرصي على المصادر الموثوقة والموضوعية، وتجنبي تلك التي تعتمد على الإثارة العاطفية بلا رؤية عملية.
  • ركزي على المحتوى الذي يعينك على الخطوة القادمة: مثل المحتوى القارئ أو المصوَّر لتاريخ القضية وسنن الله الكونية، ليزيد ثباتك وتبذلين من أجل ثباتهم، بدلًا من الاكتفاء برؤية المشاهد الصادمة واجترارها.

٢. في إعادة شحن الروح: تعزيز للصلابة النفسية

عباداتك اليومية ليست مجرد فرائض واجبة فقط، بل هي الصِلة.. والوصلات بمصدر القوة المطلقة.

صلتك بالقرآن

تدبرك بعمق ولو لعشر دقائق فقط قادر على تغيير خارطة مشاعرك تمامًا. دَعي الآيات تُزهر ربيعًا في قلبك، وتنير صدرك بعدما تجلي عنه همّك وغَمّك، وتجبر كسرك. وفي أوقات كهذه تشتد حاجتنا لهذه الصلة وأثرها فينا.

صلتك بالدعاء

دعواتك لفلسطين ليست همسات بلا صدى، بل هي سؤال العباد لرب قريب وعده: «أُجيب». حدّثي الله بمكنون قلبك، وادخلي عليه من باب الافتقار إليه. وتذكّري أن من أَدمن الطَّرْق يوشك أن يُفتح له، وأن خزائن الله لا تنفد. سَليه فيضًا من خزائنه في كل شيء: لهم ولنا، وقلبكِ يفيض بيقين الإجابة.

صلتك بالتوبة

عندما أتوب أنا، وتتوبين أنتِ، وتُقبل أخت لنا على التوبة، لا تطهِّر كلٌّ منا قلبها وحسب، بل نشارك معًا في بناء قوي نقي يعزز صلابة الأمة ويخفف عنها بعضًا مما تعايشه. نواياك الطيبة، وسعيكِ للتزكية، إخلاصك غير المرئي يثقل ميزانك ويثبت أقدامك.. وأقدامهم.

قال رسول الله ﷺ:

«مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قومٍ استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها، وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقًا ولم نؤذِ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعًا»

[البخاري: 2493].

٣. للشعور بالعجز طاقة.. استثمريها في دفعه!

دواء الشعور بالعجز هو خطوة للأمام؛ مهما صغرت. تحويل الطاقة الشعورية إلى فعل ملموس يحقق التوازن المطلوب: يتحوّل العجز إلى بذل، يزداد معه شعورك بالطمأنينة، وأنتِ تسعين سعيًا مدروسًا في القيام بواجبك تجاه الأمة قدر وسعك. خطوات عملية:

المقاطعة الواعية

أعلنت بعض الشركات دعمها الواضح للمحتل، ابحثي عنها وتوقفي عن شراء منتجاتها، حتى لا تكوني مساهمة بمالك معهم في دعمهم. واستبدليها بغيرها وإن كانت ذات جودة أقل. وأخلصي النية في ذلك لله، -ولو كنتِ الوحيدة في محيطك من يقوم بذلك - افعلي ذلك ولو بخطوات بسيطة: منتج أول، ثم يليه آخر…وتذكري أن الذي يحتسب عند الله هو إخلاص النية والاستمرارية. “أدومها وإن قلّ”.

كوني جسرًا ناقلًا للتاريخ

تعرّفي على فلسطين: العقيدة، الأرض، التاريخ، وشاركي معلوماتك مع أطفالك، وأصدقائك، ومجتمعك. وبذلك أنتِ تشاركين في نشر الحقيقة في عالم كثر فيه الزيف والروايات المضللة.

كوني صوتًا لهم

مشاركتك للمحتوى المختار بعناية للتوعية بالقضية والدفاع عنها هو اختيار واعٍ بأن تكوني منبرًا للحق والحقيقة. صوتكِ صدى لصوتهم، سواء كان عدد متابعيك خمسين أو خمسة آلاف.

جهاد المال

زكاتك وصدقاتك-مهما صغرت قيمتها المادية- مع نية صادقة تزن جبالًا عند الله.
قال رسول الله ﷺ:

«ما من أحدٍ يتصدق بتمرة من كسب طيب—ولا يقبل الله إلا الطيب—إلا أخذها الله بيمينه فيربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فَلوَّه أو فصيله، حتى تكون مثل الجبل»

[رواه مسلم: 1014].

٤. جهاد النفس وتزكيتها، تغذية للصمود النفسي

اهتمامك بالبناء النفسي ضرورة، وبه يتحقق توازنك الشخصي وتنجحين في القيام بدورك المجتمعي.

تجنّب التفاهة

والتفاهة كما يعرّفها د. أحمد العربي: هي الأنشطة التي تنعدم فيها القيمة أو تقل مع عِظم الضرر. استبدلى التصفح غير الهادف واللهو العابث بأنشطة ذات جدوى، مجددة للطاقة.

الترويح عن النفس

اختاري الأنشطة التي تُسر قلبك وتتماشى مع قيمك ولا تخالف تعاليم دينك:

  • مثل نزهة تمارسين فيها عبادة التفكر في مخلوقات الله،
  • أو إعداد وجبات صحية كإطعام،
  • أو حديث طيب دافئ تزداد به أواصر المحبة والود.

الاخشوشان

ومعناه أن تختاري عن وعي التخلي عن بعض الرفاهيات، وعدم الإفراط في المباحات. وأن تتمرني تدريجيًا على مواجهة التحديات، والاستمرار في أداء المسؤوليات مع وجود المشاعر الصعبة بلا انهيار.

خطوة للأمام، وقودها الإيمان، وشعارها الأمل، وغايتها الرحمن.

أيتها الأم العزيزة،

هكذا أخذناك معنا في رحلة قصيرة، عرفتِ فيها أن قلبك المنفطر حزنًا من أجل فلسطين هو قلب رحيم، دليل إيمان وإنسانية ونُبل عميق. غير أن الانغماس في المشاعر المنكسرة—كالذنب، والعجز، واليأس— لن يجدي نفعًا، ولن تساعدك في القيام بما هو مطلوب منك تجاه نفسك، وأسرتك، وأمتك. والمفتاح لقوة نفسية طويلة المدى، لا تتخلين فيها عن مشاعرك الإنسانية، ولا تخضعين لها تمامًا فتقعدك عن دورك المطلوب منك في حدود وسعك، هو التوازن. وظّفي طاقة الشعور، لسانًا يلهج بالدعاء، وخيارات واعية بالعطاء، وثقة راسخة بخطة الله. كل دعاء تهمسين به بين مسؤولياتك اليومية، كل قرار واعٍ تتخذينه في خطتك الاستهلاكية، كل مرة تنشرين فيها الحقيقة بوعي وحكمة، كل مرة تختارين فيها الأمل وتنبذين اليأس… هذه هي الخيوط يُنسَج منها التغيير الحقيقي.

تذكّري أنك لستِ مطالبة بحمل العالم على عاتقك، بل مسؤوليتك القيام بدورك المطلوب في ركنك الصغير جدًا فيه. واعلمي أن الله يَرى قلبك ويسمعه، لا يكلّفك إلا وُسعك، ويُجزل العطاء لمن أخلص وأحسن الظن به. صحتك النفسية مهمة لا من أجلك فقط، بل من أجل أسرتك وأمتك، كي تستطيعين المضي قُدمًا بثبات واستمرارية. ونيتك المخلِصة لله في الاهتمام بها تجعلها عبادة، تُؤجرين على كل تفصيلة فيها.

المعاناة لن تدوم للأبد، هذا وعد الله، كما وعد أهل الصبر والثبات في أحلك الأوقات بنعيم لا ينفد، وقُرّة عين لا تنقطع.

اللهم فرّج عن إخواننا وأخواتنا في فلسطين، وفي كل مكانٍ يُستضعفون فيه.

اللهم تولَّهم، واكفِهم، وثبّتهم، وانصرهم على عدوهم. اللهم وجّهنا لما خلقتنا له، واصرفنا عمّا نهيتنا عنه، ولا تشغلنا بما تكفّلتَ لنا به. اللهم استخدمنا ولا تستبدلنا، ولا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منّا. وهبْ لنا من لدنك رحمة، ومتّعنا بحكمة نواجه بها أيّامنا الصعبة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

عن منصة مشكاة

في مشكاة نقدّم خدمات الصحة النفسية برؤية إسلامية أصيلة. مرجعيتنا القرآن الكريم والسنة النبوية، ونستعين بما لا يخالفهما من المناهج العلاجية المثبتة علميًا.

إذا كنتِ تعانين من صدمة غير مباشرة، أو من شعور طاغٍ بالذنب، أو من تحديات نفسية أخرى مرتبطة بالأحداث الجارية، فإن فريقنا المتخصّص يدرك تمامًا ما تمرين به، ويقدّم لكِ يد العون والمساندة.